في مطلع القرن العشرين ومع اختراع الصُلب وجهاز المايكرويف وغسالة الملابس وغيرها ظهرت طفرة في الاختراعات الميكانيكية، ثم أتت الانترنت فيما بعد لتُحدث ثورة في الطريقة التي نعمل بها ونتفاعل بها مع عالمنا، “إنترنت الأشياء” أو Internet of Things

هو الثورة القادمة التي ستغير كثيرًا من عالمنا من خلال استخدام البيانات في تطبيقات شتى، بعبارة أبسط، إنترنت الأشياء هو مصطلح يُطلق على شبكة سريعة النمو من أجهزة الحوسبة المتصلة عبر الانترنت، مع ظهور تقنية الواي فاي وانتشار الأجهزة مثل مستشعرات البلوتوث أصبح بالامكان توصيل أنواع شتى من الأجهزة، يوفر إنترنت الأشياء استخدامات كثيرة نافعة لحل العديد من المشاكل. 

فوائد إنترنت الأشياء للأفراد

تخيل وصول تنبيه إلى جهاز الآيفون الخاص بك بينما أنت في الخارج بأن باب منزلك قد تم فتحه، أو أن هناك تسرب للمياه في شقتك، أو أن هناك حركة غير معهودة في منزلك، أتمتة المنازل (Home Automation) هو فقط أحد الاستخدامات المُدهشة لإنترنت الأشياء، من العلامات المُشيرة إلى أنَّ ثورة إنترنت الأشياء قادمة بقوة هي استحواذ شركة قوقل على شركة أتمتة المنازل Nest Labs بمبلغ ٣.٢ مليار دولار وقيام شركة أبل بإنشاء منصة Homekit، تُتيح Homekit للمستخدم باستخدام الآيفون لتشغيل وإطفاء أضواء المنازل وكذلك لفتح وإغلاق الأبواب وذلك بالتنسيق بين عدة أدوات في أتمتة المنازل، تقوم Nest Labs بربط أجهزة كشف الحرائق ومقياس حرارة الغرفة بتقنية إنترنت الأشياء كما أنها بدأت في تطوير أجهزة الأمان وأجهزة مراقبة صحة الجسم، قابلية توصيل العديد من الأجهزة مع بعضها يوفر العديد من الفوائد مثل توفير الوقت والأمان بالإضافة إلى الحصول على المعلومات متى ما أردت وغيرها من الفوائد.  

فوائد إنترنت الأشياء للشركات والحكومات

في مدينة سينسيناتي الأمريكية يساعد إنترنت الأشياء المواطنين في تحسين إدارة نظام التخلص من النفايات وذلك بمراقبة المنازل التي تتجاوز الحد المعقول من كميات النفايات، طورت المدينة نظام “ادفع مقابل ما ترميه” ممَّا أدَّى إلى تقليل كميات النفايات بنسبة ١٧٪ كما زاد من كمية النفايات المُعاد تدويرها بنسبة ٥٠٪، تستطيع بلدية المدينة الحصول على الكثير من المعلومات من خلال تسجيل البيانات المُتضمِّنة للوقت والموقع ووزن النفايات والتكاليف وغيرها مما يسمح للبلدية بتحسين خدمة جمع النفايات في المدينة، ستُستخدم التقنية أيضًا في رسم مسارات لفرق النظافة مما يزيد من فعالية التنظيف ويقلل من استهلاك شاحنات النظافة للوقود، يُتوقع أن تساهم تقنية إنترنت الأشياء في توفير الكثير من التكاليف وذلك باستخدامها في تحسين توزيع الكهرباء والماء عبر المُدن.  

تستخدم شركة سيسكو (Cisco) إنترنت الأشياء من أجل تخصيص رسائل الدعاية التي تنشرها، بدأت الشركة باستخدام هذه التقنية بالقرب من مطار سان فرانسيسكو الدولي، تقوم لوحة الدعاية المتصلة بالانترنت بالقرب من المطار بعرض رسائل دعائية حسب سرعة السائقين على الطريق المار باللوحة، تقوم اللوحة بتحليل بيانات الطريق وسرعات السائقين ثم تغير طول الرسالة الدعائية بناءً على ذلك.

كل هذه الاستخدامات إنما هي مجرد غيض من فيض، يُتوقع أن يصبح لإنترنت الأشياء استخدامات وفوائد مذهلة للأفراد والشركات والحكومات وبالطبع للكوكب عامةً.

دور الحكومات 

كما هو متوقع، فإن التوسع الحاصل في إنترنت الأشياء كان مقوداً من قبل القطاع الخاص ومدفوعاً في الرغبة بالربحية والتنافسية بين منتجي التطبيقات والأجهزة الذكية في هذا القطاع المربح. ولا تتوفر حالياً تقديرات لحجم سوق إنترنت الأشياء إلا أن الأرقام الأولية تشير إلى حجم كبير وقابل للتوسع بشكل هندسي. أما الحكومات التي تشكل جهة التنظيم والرقابة والتشريع داخل حدودها الوطنية فإنها ما زالت في طور التلمس لمعرفة أبعاد هذه الظاهرة وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. أي أن معظم دول العالم لم تبدأ بعد في رسم سياساتها تجاه التعامل مع إنترنت الأشياء والإفادة القصوى منها في بناء مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة.

ويجدر بالحكومات ألاّ تغمض عينيها أمام هذه الظاهرة، إذ أنه كلما بدأ الاهتمام الحكومي مبكراً، سَهُل تنظيم الاستخدام السلس والفعّال والمفيد لإنترنت الأشياء من قبل المواطنين والمؤسسات في عالم اقتصاد المعرفة ومجتمع المعلومات. وكلّما تأخر ذلك الاهتمام، صعبت عملية إدارة ومتابعة ظاهرة إنترنت الأشياء. ومن الأمثلة على ضرورة الاهتمام المبكر بهذه الظاهرة موضوع الخصوصية (أفراد ومؤسسات)، وموضوع إعادة تعريف الحقوق المدنية وموضوع البيانات المفتوحة (open data) والبيانات الكبيرة (big data) والحوسبة السحابية والنقود الالكترونية وسياسات الاستثمار في البنية الأساسية (التحتية) والبنية الفوقية، وأهم من ذلك سياسات التعليم ومحو الأميّة الحاسوبيّة وغيرها من المواضيع المستجدة. كما لا تخفى التحديات التي ترافق الاستخدام الواسع لانترنت الأشياء، مثل اختفاء بعض الوظائف الخدمية، والتي تتطلب تعويضها بإيجاد فرص عمل في مجالات جديدة، وبمهارات مناسبة. وهذا من شأنه تحفيز الحكومات على ايلاء التدريب والتأهيل الاهتمام الكافي.