تقنية الجي بي اس GPS
يعتبر نظام تحديد الموقع GPS جزءا هاما من منظومة عمل الأقمار الصناعية في الوقت الراهن ، وقد شاع مؤخرا استخدام هذا النظام في الكثير من دول العالم ، وتعددت تطبيقاته العملية ، فخلال حرب الخليج التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق ، استخدمت أمريكا هذا النظام بشكل مكثف للغاية ، لتوجيه قطاعاتها العسكرية وتوجيه صواريخها نحو أهدافها بدقة عالية .
ويمكن القول أن نظامGlobal Positioning System GPSيعتمد على منظومة متكاملة من الأقمار الصناعية التي تعمل ضمن نظام يطلق عليه Sophisticated Network Of Satellites ، وهذه الأقمار تقوم بعملية مسح الكرة الأرضية مرتين كل 23 ساعة و 56 دقيقة ، كما تتوزع هذه الأقمار على 6 مستويات دوران كل مستوى يصنع 55 درجة مع المستوى الآخر ، وفي كل مستوى يوجد ثلاثة أقمار صناعية .
إن هذا النظام الذي طورته مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1973 وبميزانية تقارب عشرات المليارات من الدولارات ، يتكون من جزأين أساسيين هما المرسل والمستقبل ، فالجزء المرسل هي تلك الأقمار الصناعية السابقة الذكر ، أما المستقبل فهي أجهزة صغيرة كفية متطورة للغاية تعمل ضمن دوائر إلكترونيةميكروبروسسرMicroprocessor ، ويتم تحديد الموقع بدقة بطريقتين ، الأولى عن طريق ما يعرف بإزاحة دوبلر Doppler Shift للموجات الكهرومغناطيسية المستقبلة من القمر الصناعي ، وهذه الإزاحة تنجم عن السرعة النسبية بين الأرض والأقمار الصناعية ، الطريقة الثانية لتحديد الموقع تعتمد على قياس التأخير الزمني بين الموجات الكهرومغناطيسية المستقبلة من الأقمار الصناعية .
يتم تحليل هذه البيانات من قبل أجهزة GPS والتي تحتوي على برنامج حاسوبي مزود بالكثير من المعلومات والمتغيرات الفيزيائية كتأثير الغلاف الجوي على الموجات الكهرومغناطيسية وكذلك تأثير الجاذبية الأرضية والحالة المناخية ، كما يحتوي البرنامج على خرائط تفصيلية للأرض والمدن والشوارع فيها ، و أهم المعالم الجغرافية وغيرها من المعلومات الهامة .كيف يعمل النظام بداية كلمة GPS هي اختصار لـ Global Positioning System أي نظام تحديد الموقع العالمي يعتمد هذا النظام على منظومة من الأقمار الاصطناعية – كان عددها حوالي 27 قمراً عام 2003 – تدور حول الأرض وتعمل على الطاقة الشمسية وتدور بمعدل دورتين كاملتين باليوم , وقد تم ترتيب المدارات بحيث يمكنك مشاهدة 4 أقمار صناعية في السماء بآن واحد في أي وقت ومن أي نقطة على سطح الأرض .
مهمة مستقبل الـ GPS هي تحديد موقع هذه الأقمار وحساب المسافة بينها وبين الأرض والاستفادة من هذه المعطيات لاستنتاج موقع المستقبل وبالتالي تحديد إحداثياتك على سطح الأرض . إن مبدأ عمل مستقبلات الـ GPS ليس بالأمر المعقد وتكفي 3 أقمار لتحديد موقعك , وإنما الزيادة في عدد الأقمار هو لزيادة الدقة , بمعرفة بعدك عن أحد الأقمار فإنك ستكون على سطح كرة يبلغ قطرها مقدار هذه المسافة , وبمعرفة بعدك عن القمر الثاني سيتشكل لديك كرتان يتقاطعان في دائرة , وموقعك سيكون إحدى نقاط محيط هذه الدائرة , وبمعرفة بعدك عن القمر الثالث وإجراء التقاطع ستحصل على نقطتين إحداهما في الفضاء (هذه النقطة بالطبع لا تدل على موقعك ) , والنقطة الأخرى تشير إلى موقعك على سطح الأرض أي كأنن استفدنا من الكرة الأرضية ككرة رابعة لتحديد الموقع .
يعتمد مستقبل الـ GPS على الأمواج الراديوية – والتي هي عبارة عن أمواج كهرمغناطيسية تنتشر بسرعة الضوء – لحساب المسافة التي تفصله عن الأقمار الاصطناعية وذلك بحساب المدة التي استغرقتها هذه الأمواج لتقطع المسافة.
عملية قياس المسافة عملية معقدة لأنها بحاجة لإتقان شديد وهي تتم على أساس المبدأ السابق –قياس زمن مسير الإشارة من القمر الاصطناعي وحتى مستقبل الـ GPS – ولكن كيف يتم ذلك ؟
في وقت محدد يبدأ القمر الاصطناعي بإرسال سلسلة رقمية طويلة ذات ترميز شبه عشوائي (PN) وسيبدأ مستقبل الـGPS بتوليد سلسلة مطابقة تماماً وفي نفس الوقت تماماً , وعندما تصل إشارة القمر الصناعي إلى مستقبل الـ GPS ستكون السلسلة المستقبلة متأخرة عن السلسلة المولدة بمقدار زمن مسير الإشارة . عندها يقوم المستقبل بضرب الزمن بسرعة الضوء لتحديد المسافة على افتراض انتشار الإشارة بشكل مستقيم وناتج الضرب هو بعد القمر الاصطناعي عن مستقبل الـ GPS , وللقيام بعملية قياس بهذه الدقة فإن كلاً من المستقبل والقمر الاصطناعي بحاجة لمؤقتات (clocks) يمكن مزامنتها من رتبة الـ Nanosecond , ويتم تحديد الموقع بدقة كما ذكرت وتجاوز مشكلة التأخير او عدم المزامنة الدقيقة بنسبة 100 % , باستخدام أربع أقمار لتحديد الموقع بدقة بالغة فمن المستحيل أن تتقاطع في نقطة واحدة إن لم يكن القياس دقيقاً واعتماداً على ذلك يقوم المستقبل بإعادة ضبط مؤقتة باستمرار للحصول على أعلى دقة .
الممتع في الـ GPS أنه لا يحدد لك فقط موقعك وإنما يمكنه أن يحدد لك أفضل طريقة يمكنك بها بلوغ وجهتك وذلك باستخدام خرائط رقمية مخزنة في ذاكرة المستقبل , فما عليك سوى أن تحدد له إحداثيات خط الطول والعرض للنقطة التي تريد الذهاب إليه وسيرشدك إلى وجهتك بأقصر طريق ممكن مع إعطاءك قيمة ارتفاعك في كل لحظة بالأضفة إلى ذلك يمكنه تحديد سرعتك الآنية والمتوسطة والوقت المتوقع للوصول لوجهتك إذا ما حافظت على نفس السرعة .
إن تطبيقات الـ GPS واسعة ولا حدود لها ويبرز استخدامه بشكل فعال في مجال الطيران و الملاحة البحرية والعمليات العسكرية أما ما يهمنا نحن – أقصد بذلك مهندسو الاتصالات – فمن الضروري أن يكون لديك جهاز مماثل أثناء قيامك بعملية Survey أي مسح لأحد المناطق لدراسة إمكانية تغطية المنطقة بواسطة برج للاتصالات الخليوية على سبيل المثال , حيث يقوم مهندس التخطيط بإعطائك إحداثيات المكان المطلوب دراسته وعليك الذهاب إلى تلك النقطة بالضبط ودراسة الموقع ميدانياَ للتحقق من إمكانية الاستفادة منه بالأضفة لتسجيل إحداثيات المواقع المجاورة (وأقصد بذلك أبراج الخليوي المجاورة إن تحدثنا عن تغطية أبراج الخليوي ) .
تتعدد استخدامات هذا النظام بشكل يصعب حصرها ، ففي الوقت الراهن ، عمدت الكثير من شركات النقل العالمية وشركات الشحن إلى متابعة حركة آلياتها وسفنها بواسطة هذا النظام الفعال للغاية ، كما تم إدخال هذا النظام في الكثير من السيارات المصنعة حديثا والتي توفر للسائقين خرائط تفصيلية للأماكن و الشوارع التي يتواجدون فيها ، وأفضل الطرق و أقصرها و التي ينبغي سلوكها أثناء تنقلاتهم اليومية .
كذلك فقد شهد هذا النظام استخدامات أخرى من قبل شركات الطيران و الملاحة الجوية لتوجيه الطائرات في السماء بدقة متناهية ، ومؤخرا تم إدخال هذا النظام في أنظمة الرصد الجوي و تعقب الأعاصير و الرياح و الأمواج الهائجة في المحيطات ، كما استخدم من قبل هيئات البحث العلمي لتتبع هجرة الطيور والأحياء المائية و مراقبة حرائق الغابات و حركة الجبال الجليدية.
|